Friday, July 30, 2010

آسفة


تصعد درجات السلم بخطوات متثاقلة، تتنفس بصعوبة كما لو كان الهواء شفرات أمواس تشرط و تجرح أنفها و رئتيها.
فَتَحَت الباب ببطء، ولكن لم تسلم من صوت تهالك الباب، فرأت إبنها الصغير ينظر لها بعين مكسورة، ثم دخل إلى غرفته يبكي..
إبتلعت ريقها بصعوبة بالغة و سندت حقيبتها متجهة إلى الحمام...
كان شتاءاً، يلتف الجميع في الأغطية كما الأكفان،، أما هي
سكبت على جسدها ماء الصنبور المُثلّج،، وبكت..
بكت وهي تغسل جسدها بالصابون..تغسله من بقايا عرق أولئك الذين إستخدموا جسدها في مقابل حفنة من الجنيهات إن وصلت لها سالمة
فالبعض يرمونها في الشارع
والبعض يسرقونها
يضربونها
بكت حتى تورّمت عينيها
لم تكن تدري لماذا تبكي تحديداً..
من الألم و الغثيان الي يصيبها من اللعاب و العرق و الشعر
الأجساد التي ترتمي عليها طوال الليل
أم من نظرة إبنها الصغير
أم خوفها من العذاب بعد الموت؟
هل تترك إخوتها يتسولون و يسرقون؟
تتركهم يموتون جوعاً؟
لم تتسبب في كل هذا، بل تسبب فيه رجلان، الله قد أخذ والدها
أما زوجها فقد رحل و تركها تُعاني
أصبحت هي المسئولة عن كل هذا
جففت نفسها و إرتدت ملابس مهترئة ثم جلست في المطبخ تُفكّر
ما الفرق بيني و بين كل من يستخدم جسده في العمل؟
الحارس الشخصي
الفاعل
كلهم يستخدمون قوتهم العضلية التي وُلدوا بها، و لم تولد النساء بها، و يجنون منها أموالا
أما أنا، فأنتهج نهجهم، و أستخدم ما وُلدت به و لم يولدوا هم به، لأجني أموالاً
لا أرى فرقاً كثيراً
هل سيُعاقبني الله؟ سيلقي بي في نار جهنم؟
أنا من ضحيت بنفسي من أجل أسرتي؟
تنهدت سميرة وتحدثت بصوت أعلى قليلاً كأنها تحاول أن تقنع نفسها بما تفعله وقالت: من يريد محاكمتي، فليمر بظروفي أولاً،، لن أهتم بعد الآن
ثم أغمضت عينيها فتذكرت ما تمر به كل ليله، فقالت: ولكنني حقا تعبت و أريد أن أستريح

كرسي يسقط على الأرض، طفلان يركضان كل منهما خلف الآخر و يتجاذبان الكرة من بعضهما حتى وصلا أمام باب المطبخ
فتسمّرا في مكانيهما...
سميرة
لم يجدونها
لم يجدونها على قيد الحياة
كانت نائمة في صمت و قد غرست سكينة في أحشائها، تطفو على بقعة كبيرة حمراء من ذلك السائل اللزج...
وورقة على الأرض، كانت بيضاء و لكن صبغها الدم بلونه
كُتب عليها بخط ركيك

آسفة..


مراد حسني
2 فبراير 2010

No comments:

Post a Comment