Friday, July 30, 2010

الواقع


تعدت الساعة الثالثة صباحا
أطفأ أنوار البيت حتى أصبح الظلام حالكا
جلس في شُرفته يراقب النيل
تتطاير الستائر إثر هبوب نسيم من الهواء البارد
يداعب هذا النسيم أصابع قدميه الممدودة على المنضده أمامه
جالسا على كرسي المُريح، يستمتع بكأس نبيذه في هذا الوضع الساحر
طرد من عقله كل أفكار القلق و الندم و الحزن
طرد الذكريات نفسها
حالة إسترخاء لطالما حلم بها
أغمض عينيه و أستنشق هذا الهواء

وفتحهما
واقفا في عربة من عربات المترو في نهار صيفي أقرب إلى الجحيم، و جسده كصنبور ماء تالف، لا يمكن غلقه
تتلاصق الأجساد كما لو كانت أمواجاً و هو الغريق
يصعد ليستنشق هواءا، فتقتحم رئتيه روائح كتلك التي تنبعث من مقبرة لازالت تتحلل جُثة نزيلها
بنظر إلى المُلصق الذي يحتوي على تتابع محطات المترو في هذا الخط، فوق الباب
لازال أمامه تسع محطات
إستسلم لموج الأجساد و للرائحة التي تدخل رئتيه ويتملكه شعور فتاة صغيرة يغتصبها رجل غليظ
وتمني لو كان الألم ينتهي بنهاية التسع محطات الباقية
ولكن عالم الأحلام كموجة تصطدم بصخر الواقع لتتلاشي تماما
ويبقى الواقع


مراد حسني

No comments:

Post a Comment